عندما اقلب فى صور جدتى القديمه دائما كانت تبهرنى أناقتها البسيطه ... فتسريحه شعرها ..فستانها..أو هذا العقد الِؤلؤى الذى تزين به رقبتها.
ما كان يثير دهشتى أنى أعرف ضيق إمكانيات جدتى الماديه فى هذه الفتره وكم كانت حياتها شاقه ,لكن لم يمنعها هذا من أن تكون على أحدث موضه.
فهذه التسريحه التى يمكن تمييزها بسهوله من أفلام الخمسينات ..أخبرتنى عنها جدتى, كيف كانت كل ليله "تلف" شعرها حتى يكون بالصباح على شكل تسريحه شعر شاديه فى أفلامها مع كمال الشناوى
كيف كانت تشترى " الكاتلوجات " و المجلا ت لترى ما هو جديد فى عالم الموضه الباريسيه و تفصل فساتينها بنفسها
ماكان يلفت نظرى أكثر فى هذه الصور ان كل صديقاتها كانوا على نفس المستوى الاهتمام بالحصول على نفس الطله الهوليوديه وهم جميعا لهم نفس المستوى الاجتماعى الذى يمكن أن يوصف بالمتوسط أول أقل من المتوسط.
ولكم دار فى رأسى هذا التسأل هل كان سر اناقه جدتى هو أنها كما يقولون " عايقه و متضايقه" وأنها كانت تفضل أن تحافظ هى و صديقاتها على نفس مقاييس جمال نجمات السنيما
و بعد تفكير و مناقشات مع جدتى تفهمت أنهم فى هذه الفتره لم يكن لديهم خيار غير ان يكونوا على هذا الشكل المرتب الذى أقل مايوصف به هو شكل أنثوى راقى
فلم يكن هناك الخيار ان تكونى أى شىء أخر...فالتانق ليس أختيار و لكنه ثقافه.
وطالما سحرتنى هذه الطله الكلاسكيه
هذه الخاطره العابره تصطدم بالواقع عندما التفت حولى و ترى عينى فوضى ملابس البنات و السيدات و الرجال أيضا
فوضى الالوان, و الباديهات الكارينا, و الحجاب على كل شكل و لون, "فاتارين وسط البلد" حل محل الفستاين الشانيل و الشرابات النيلون و الاحذيه ذات الكعوب المرتفعه
و البنطلون "الساقط" الذى يكشف عن "بوكسر" مزرقش و البدى الضيق حل محل البدل الكامله والاحذيه اللامعه
فالعشوائيه أصبحت هى الثقافه السائده
ففى خمسينات القرن لم تكن ترتبط الاناقه ارتباط شرطى بنوع العلامه التجاريه التى ترتديها أو بالساعه" الجوتشى" و الحقيبه" اللوى فيتان " وانما بذوق وحس فنى
وانا هنا لا استثنى نفسى فانا جزء من هذه الثقافه للاسف فعندما تنظر فى الازياء حولنا تكتشف أنها تفتقد الفكره كما حياتنا بالضبط
فكل الذى تعبر عنه هو هذا المجتمع الاستهلاكى البارد